زغرتاوية فازت بانتخابات “التقدمي”: هذا ما قالته ريما صليبا عن “اشتراكيتها”

نوال الأشقر (لبنان 24)

يتغنّى بلد الـ 10452 كلم2 بفرادة نظامه الديمقراطي البرلماني القائم على صيغ التعدد والتنوع والشراكة، وهو الذي يضم ثماني عشْرة طائفةً ومذهباً، نموذجٌ قد تحلم به شعوب هذا الشرق الغارق بالعصبيات المذهبية والصراعات الدموية والحركات المتطرفة.

ولكن كي لا نمارس سياسة تعمية الحقائق، ندرك جميعنا أن وراء هذه الصورة النموذجية لوطن الأرز، تعلو متاريس الطائفية والمذهبية بأبشع صورها لتشوه سماء الوطن، وتسحق من عليائها الفارغ كلّ بنفسجةٍ طموحةٍ حالمةٍ بوطنٍ يقدّس الإنسان، يتساوى فيه المواطن مع أخيه، ولا تُصنّف فيه الناس درجاتٍ ومراتبَ وفقاً لكنائسهم ومساجدهم، فيصطدم الحلم بنفوسٍ ونصوصٍ لا تنفكّ تسألك عن طائفتك في كل مسارات حياتك ويومياتك، وتصنّفك وفقاً لطائفة لم تختارها، وتقولبك في إطارٍ ضيقٍ لتنزع عنك المواطنة وترغمك على الإحتماء بتلك المتاريس تحت طائلة استبعادك عن وظيفة أو مركز أو أيّ حق آخر.

من منّا لم يَسأل أو يُسأل عن انتمائه الطائفي عند كل تعارف؟ فمن اللحظة الأولى يبدأ التشريح، يسألونك عن عائلتك، وفي حال تعذر عليهم معرفة المذهب من ذكر العائلة، يسألونك عن المنطقة، وكم تكون بهجتهم كبيرة عندما يستنتجون، آه إذا أنت مسيحي، أو أنت شيعي، أو سني، أو درزي.

“على هذا الواقع انتفضت” تقول ريما صليبا، ابنة زغرتا، وكطالبة في مدرسة كمال جنبلاط منذ عشر سنوات وبضعة أشهر خاضت انتخابات مجلس قيادة الحزب الإشتراكي وحصدت أعلى نسبة أصوات، “أرفض أن أُصنّف كمردة لأنّي زغرتاوية أو كإشتراكية لأنّي درزية أو كقواتية أو كتائبية أو عونية لأنّي مسيحية، أريد أن أكون إنسانةً تنتمي إلى طائفة المبادىء، التي يتساوى في رحابها المواطن”.

وعن فوزها تضيف “في البداية ترشّحت من منطلق رغبتي بالعمل على تحقيق نقلةٍ نوعيةٍ على صعيد مجلسٍ قيادي، للعنصر النسائي والشبابي دور فيه، ومن منطلق العودة إلى جذور الحزب القائم على مبادىء أرساها المعلم كمال جنبلاط، تجمعنا كرفاق لتجعلنا متساوين بصرف النظر عن انتماءٍ مناطقي أو طائفي. أمّا حصولي على أكبر نسبة أصوات فيعود إلى الثقة الكبيرة من قبل الرفاق، فمن اللحظة الأولى لتقديم ترشيحي، ورسائل الدعم لم تتوقف، وبطبيعة الحال تحمّلني هذه الثقة مسؤولية كبيرة، لأكون على قدر تطلعات وآمال من منحوني ثقتهم”.

ريمة الآتية من عائلة مسيحية لا يجمعها بالحزب الإشتراكي أي رابط، لم تردعها تمنيات العائلة واستهجان الجيران والبيئة، “ماذا تفعلين بينهم؟” سؤالٌ يطرح عليها مئات المرات، وفي كل مرة تعيد الجواب نفسه “وجدت نفسي معهم”. تقول ريما لـ “لبنان 24”: “لماذا أنا اشتراكية؟ مقالٌ كتبته تحت هذا العنوان قبل حوالي سنة، وضعت في كلماته وسطوره رؤيتي ومقاربتي لنفسي كما أريدها أن تكون، عبّرت من خلاله عن شريحة تشبهني، وأجبت على أسئلتهم “وجدتٌ إنسانيتي معهم. قواسم مشتركة عديدة لم اجدها عندكم، هم يؤمنون بالإخاء والمحبة اللامتناهية، أما أنتم فلم تكونوا يوماً سوى أرباب الانانية المطلقة والمفرطة. هم يجسدون الله في أعمالهم وعلاقتهم بعضهم ببعض، اما أنتم فتختبئون خلف المثاليات والأخلاقيات المزيفة!

إشتراكية أنا… أؤمن بالمساواة وبالعدالة الاجتماعية، على يقين دائم بأن التفاوت بين البشر جريمة بحق الانسانية. إشتراكية أنا….لأَنِّي أحب بلا حدود، أساعد ما إستطعت، على ثقة تامة بأن الحرية حق من حقوقي، لذا فأنا وحدي أقرر كيف أعيشها، وما أنا إلا ما أردت أن أكونه يوماً”.

في سيارة التاكسي التي أقلتها من زغرتا إلى بيروت دار هذا الحديث بين “ريما” والسائق:

– من وين؟ (من زغرتا). أكيد مع البيك، مردة؟ (لا). إذن عونية: (لا). قواتية؟ (لا). كتائبية: (لا).. إذن؟ أجابت ريما (حزب تقدمي اشتراكي). هل زوجك درزي؟ “هذا المفهوم الخاطىء في المجتمع اللبناني ما أطمح لتصويبه، من هذا المنطلق وفي الوثيقة التي أطلقناه، وضعنا بنداً أساسياً من أجل قانون عصري للأحزاب في لبنان، نخرج من خلاله من الكوادر الطائفية الضيقة إلى علمانية عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق، على أمل أن يتحقق ما نصبو إليه”.