سمير القنطار… شهيد الوطن المقاوم…

هيثم عربيد

بدأت مسيرة عميد الأسرى في السجونِ الإسرائيليَّةِ المقاوم سمير القنطار بمعتركِ الوفاءِ للوطنِ، من خلالِ إنتهاجِ ثورةِ التحريرِ للأرضِ والكرامةِ، فكانت لغتُهٌ تحاكي الزنادَ بسيفِ التصدّي، وعيونُه شاخصةً نحوَ فلسطينَ، التي هي قبلةُ الحقيقةِ للأحرارِ في ميادينِ النضالِ العربيّ المستمر، فسمير القنطار دخلَ بلغةِ المقاومِ للقاءِ الحريَّةِ بأرضِ الجنوبِ وبحرها الثائرِ للعزّةِ والكرامةِ وإعتلاءِ موجِ النّصر كلَ النصرِ.. من بوابةِ الجنوبِ المتمرّد لمقارعةِ الغاصبِ أتتْ البدايةُ، ليتَّحدَ مع الداخلِ الفلسطيني، وليُجنْدِلَ من حاولَ جندلة الوطنِ العربيّ في أتونِ إغتصابِ فلسطينَ وحقِّها الموجبِ، فإنسابَ بينَ فسحاتِ وتلالِ أرضِ الجنوبِ الممتّدة لفلسطينَ المقاومةِ، ليسطِّر أجملَ روايةٍ من رواياتِ البطولةِ التي لا تنتهي، وهو من رسمَ ويرسُمَ بصبرهِ وطولَ أناتهِ صورةَ لبنانَ المحبَّةِ المجبول بنبضِ الإنعتاقِ مع قضيَّةِ فلسطين، حتّى ارتقى بنفسه نحوَ رداءِ الشَهادة والإستشهادِ، لينطلقَ إلى الآفاق المباشرة في المواجهةِ، وهو استطاعَ بإرادتهِ الحرّةِ ومثابرته المتفانية، تحقيقَ عمليَّتهِ النوعيّة داخل فلسطينَ المحتلةِ، وكان مصيرُه بعد ذلك بالشهادةِ الحيّة في زنزانةِ اغتصابِ الحقوقِ للشعوبِ، من قبل عدوٍ لا يعرفُ إلاّ منطقَ القوّةِ، لأنَّ مملكةَ هذا العدو بُنيَتْ على القتلِ والموتِ والدمارِ وسلبِ حقّ الشّعب الفلسطينيّ والعربيّ في أرضهِ وحقيقةِ انتمائه لكلِّ حبّةِ ترابٍ من غزّة والضّفة وكلّ شبرٍ من أرضِ القداسة المسلوبة!!!…

إستمرَّ المقاوِمَ، ليقاومَ داخل زنزانتهِ، حتى أضحى عميد الأسرى، كنتيجةٍ ساطعةٍ ومؤلمةٍ لعقودٍ من الزمنِ دون أن يسطِّرَ أيّ كلمةِ استسلامٍ، بلْ على العكسِ أرسلَ كلَّ رسائلِ الإستمرارِ لنهجِ الحقّ المقاومِ من عمقِ دهاليزِ سجونِ الإحتلال، ليبقى رداءُ الفكرِ النضالي التحرّري، يحدِّقُ نحوَ مركزيَّةِ التّصويبِ لبندقيةِ التحريرِ الحقّة، أي نحوَ فلسطينَ كلّ فلسطينَ، دونَ مهادنةٍ أو مساومةٍ..، من هذا المسار الشّامخِ، أطلَّ علينا عميد الأسرى سمير القنطار، ليشرقَ في أرجاءِ الوطنِ والعالمِ بقضيّتهِ وأبعادها السّامية كرسالةٍ للحريّة وعدم المساومةِ للحقوقِ القوميَّةِ العربيَّة، وليقولَ للعالمِ أنَّ فلسطينَ لن ولم تكن يوماً إلا عربيَّة الهويَّة والإنتماء للنهجِ الإنسانيّ المتنوّع، وهي ستعودُ إلى حضنِها الحاضنِ لأصالتها المتجدِّدة، مهما طال الزمن ومهما استمرت يـدُ الوحشيّة للطغاةِ الصهيونيّة المتغطرسة، بالقتلِ والتنكيلِ وزرعِ الإرهابِ ودعمِهِ بكلِّ وجوههِ الدكتاتوريَّة المتسلّطة على الشّعوبِ، وخاصةً الشعوبِ العربيّة…

01
لذا، وبعد كلِّ هذه المسيرةِ الممزوجةِ بالقمعِ والكرامةِ والتّضحيةِ والصّبرِ، للتكاتفِ مع المنحى النضاليِّ المثمرِ، لأسيرٍ تَعمَّد بنداءِ الواجبِ لمحاكاةِ الضميرِ العربيّ، بالإرادةِ المنتجةِ للثورةِ على طغاةِ العصرِ المتمثّلين بحكَّامِ الصهيونيّةِ السالبةِ لحقوقِ شعبِنا الفلسطينيّ..، بعدَ كلّ ما تقدّم، إستطاعَتْ المقاومةُ الإسلاميّةُ تحريرَ عميدِ الأسرى مع كوكبةٍ من الأبطالِ وجثامينِ المقاومينِ الذين زرعوا المجدَ في عرينِ الوطنِ العربيِّ بشكلٍ عام، وذلك التحريرُ أتَى بعدَ عمليّةِ الوعدِ الصادقِ، التي كلَّفتْ الوطنَ الكثيرَ الكثير، من أجلِ الحريَّةِ ورسالةِ الوطنِ المقاومِ.. وبعد هذا التّحرير، أخذَ عميدُ الأسرى على عاتقهِ الوفاءَ لقضيّتهِ المركزيَّةِ فلسطينَ، فالتحقَ بقوافلِ المقاومةِ للإستمرارِ بلغةِ السّيفِ الهادفِ لتحريرِ عرينِ العربِ فلسطينَ الثورةِ الدائمةِ، فكانَ حلمُهُ العودةَ إلى فلسطينَ الحريَّةِ والحقِّ المتسامي فوقَ كلِّ التحدياتِ، لإرتداءِ وهجِ مناداةِ الحقِّ والإرادةِ الصّلبةِ، في بوتقةِ وعرينِ العذابِ والنّضالِ والألمِ للشّعبِ الفلسطينيّ الثّائر بإستمرار!!!…

من هنا، نطرحُ الأسئلةَ الكبيرةَ في مضمارِ شهادةِ الأحرارِ، لنقولَ وبصوتٍ عالٍ: ألا يحقُّ لنا أن نسألَ أينَ استشهدَ سمير القنطار!!؟.. وضِدَّ من!!؟.. ومن أجلِ من!!؟.. وهو من ناضلَ لعقودٍ لتحريرِ فلسطينَ من براثنِ الإحتلال الذي قتل الأطفالَ والنساءَ والكراماتَ، واغتصبَ الأرضَ والأعراضَ دون هوادةٍ، ولم يزلْ!!!.. ألا يحقُّ لنا أن نسألَ، لماذا استشهدَ وهو يقاتلُ الشعبَ السوريّ الثائر من أجلِ الحريّةِ والكرامةِ الإنسانيّةِ!!؟ عوضاً عن القتالِ ضدَّ من انتهكَ فلسطينَ وما زال ينهَشُها بوحشيةٍ قلَّ نظيرُها، وبشكلٍ يوميّ، ودون رادعٍ للأسفِ!!!.. ألا يحقُّ لنا أن نسألَ، لماذا أستشهدَ في الدفاعِ عن رمزِ النّظام الدكتاتوري القاتل!!؟.. الذي حوّلَ سوريا إلى وطنِِ الأشباحِ والتكفير وإنعدامِ الحياةِ، لأنَّها ثارَتْ بشيبها وشبابِها وانتفَضَتْ على الجلاّدِ والحاكمِ المتغطرسِ والقاتلِ، كي تمتشِقَ الكرامةَ الإنسانيَّةَ بلغةِ الأمن والسّلام والحريّة، بعيداً عن هيمنةِ نظامِ الموتِ الذي دمّرَ سوريا الإنسان، وقتلَ الكِبارَ الكبار في عالمِنا العربيّ، كرمى لعيونِ ومصالحَ أعداءِ سوريا والعروبة معاً!!!…

ألا يحقُّ لنا أن نسألَ، ونحنُ من أحبَبْنا سميرَ الأسطورةِ المتجسّدةِ بالمقاومةِ الحقّة، لماذا إستشهدَ كمقاومٍ من أجلِ تحرير الجولان المحتل، كما يدّعون!!؟.. بدلاً من الإستمرارِ كمقاومٍ في عرينِ ترابهِ الجنوبيّ، لتحريرِ ما تبقّى من ترابِ لبنانَ الأرزِ الصّامد، ولإثباتِ منطلقات الكفاحِ في الموقعِ السّليم والصّحيح، بعيداً عن التدخُّلِ في خصوصيَّةِ سوريا الثورةِ لأجلِ الحياةِ!!!… ألا يحقُّ لنا أن نسألَ، لماذا تمَّ إرسالُ سميرَ إلى الجبهاتِ السّوريّةِ لمقاتلةِ التّكفير الداعشي وغيره كما يدّعون؟!! وكلّنا نعرف بأنَّ التكفيرَ هو نتيجةٌ حتميةٌ لدكتاتوريًّة النظام السوري، وهو من صناعةِ هذا النظام الممانع بمنطقِ المراوغةِ والتّدجيلِ والتّضليلِ والتّخوينِ وأكثرَ بكثيرٍ، لإبقاءِ هيمنتهِ ووجودهِ الذي أرسى الأساطيل، ليبقَى ويستمرَّ لمصلحةِ أعداءِ سورية وعلى حسابِ الشّعب السوري الثائرِ للحياةِ الكريمةِ المترابطةِ برداءِ الوفاءِ للإنسان وحقوقه!!!… ألا يحقُّ لنا أن نسألَ، لماذا لم يرفضْ عميدُ الأسرى سمير القنطار التوجّهَ إلى سورية والعملَ مع المحورِ الإيرانيّ لمنعِ ولوجِ ثورةِ الأحرارِ لسوريةَ الحريّةِ إلى خواتيمِها المرجوّةِ، وهو من عانى الويلَ لملاقاةِ وجهِ الشمسِ بنورِ المحبَّةِ والحريَّةِ!!؟…

ألا يحقُّ لنا أن نسألَ، ما الذي يدورُ في فلكِ التنسيقِ الروسيّ الإسرائيليّ!!؟ علماَ أنَّ منظومةَ الدفاعِ الروسيَةِ التي لم تحرّكْ ساكناً في مضمارِ استهدافِ موقعِ وجودِ عميدِ الأسرى، وغير ذلك من وسائلِ التعاونِ والتواطئِ الواضحِ، لمجرى الإرتهانِ والإلتزامِ بمقرراتِ التنسيقِ المجهولةِ المعالمِ، والتي فُرِضتْ وستستمرُ على حسابِ الشّعبِ السوريّ، وعلى جثثِ من يرفضُ التعاملَ مع عدوِ العربِ إسرائيل!!!… ألا يحقُّ لنا أن نسألَ، عن أبطالِنا المقاومينَ الذين يُزجّونَ في المواقعِ الخاطئةِ للحربِ العبثيَّةِ السوريَّةِ ويُستنزفونَ في الأماكنِ ذاتِها دونَ جدوى!!؟.. وهُم من دحروا العدوَ الصهيونيّ من جنوبِ لبنانَ، بفضلِ التكاملِ والتضامنِ للشعبِ اللبنانيّ آنذاك حولَ مقاومتهِ الجامعةِ، واليومَ يستشهدونَ في الدفاعِ عن مصالحِ المحاورِ الهدَّامةِ على حسابِ الشّعبِ السوريّ وحقوقهِ، ونكستهِ الكبرى المستمرّةِ، لإرساءِ شبحِ التسلُّـطِ والموتِ على كلِّ من إنتفضَ لرسمِ خريطةِ سوريا الحريّةِ والديمقراطيةِ!!!…

ألا يحقُّ لنا أن نسألَ، عن الكثيرِ الكثير في هذهِ الحربِ الدائرةِ رُحاها على الأرضِ السوريَّةِ، والتي تنتهكُ حقوقَ الوطنِ العربيِّ بمجملهِ، لحسابِ محاورِ الظلمِ والمصالحِ والظلامِ، ولحسابِ أنظمةِ القمعِ القابعةِ في كهوفِ الدمارِ والإذلالِ المستمرِ!!؟… وتبقى الأسئلةُ!!! ويبقى القهرُ والعذابُ للشعبِ السوريّ كما الشعبُ الفلسطينيُّ والعربيُّ، في عالمِ الحقِّ المأسورِ والمتلاشي!!!…

ختاماً، كلُّ التحايا لعميدِ الأسرى في السجونِ الإسرائيليةِ الشهيدُ سمير القنطار، وسيبقى شعلةً مضيئةً في حنايا الوطنِ العربيِّ، كمقاومٍ للمحتلِ الصهيونيّ، وكثائرٍ نحوَ التحررِ الحقيقيّ..، بعيداً عن الإنحدارِ المستشري في التعاملِ مع ثورةِ الشّعبِ السوريّ منذُ البدايةِ حتّى يومِنا هذا!!!.. وستنتصرُ فلسطينُ الحقَّ والحقيقةَ، وسوريا الثورةَ التي لا تقهر!!!… a

اقرأ أيضاً بقلم هيثم عربيد

نكتبها بالنّور كما تكتِبُنا!؟

 المرأة الإنسان!..

ثقافة السلام الحواريّ.. لا الإستسلام الفئويّ!

الزمان والمكان عانقـا الحقيقة برداء الكمال الإنساني!

متحف ومكتبة الموسيقى العربيّة، حلم الإرادة التصميم المنتصر!

أيّها الشريف! أنت الوعد الأخلاقي للنضال الإنسانيِّ!

الرفيق طارق يأبى الرحيل، وهو باق بأسرة العمر الجميل!

التهديد للوليد لم ينه حلمَهُ البتّه، بوطن السّلام والحياة

 المربي سليم ربح على عرشِ التَّربيةِ والمحبَّةِ والخلود

صرخاتُ الألمِ!!.. بدايةٌ لإدراكِ عالم معلمي الشهيد!!!…

الإنتخابات البلديَّة هي المنطلق لكسرِ حلقة الفساد والإفساد

كيف نعملُ يا كمال؟!.

نسمات محبتك الدائمة.. لم ترحل يا أمّي!.

كمال جنبلاط لم يرحل!

وداعاً نبيل السوقي .. والفكر التقدّميّ سيتوّج حلمكَ بالإنتصار!!!…

الرئاسة بلغة الممانعة وديمقراطية الإقصاء…

معلمي.. ثورة للإنسان والإنسانية.. والحقيقة والحريه…

كمال الولادة والشهادة، رسالة فجرٍ دائمة، للحريّة والسعادة!!!…

فؤاد ذبيان.. أرزةُ عشق تربويّةٍ

الحِراك المدَني وخطى النجاح المتلاشية والمهدورة!!!..