الحوار الداخلي وطبخة البحص

وسام القاضي

أصبحت جلسات الحوار في لبنان كإبرة المورفين التي تعطى لمريض السرطان، فهي وإن خففت الأوجاع أحيانا إلا أنها لا تشفي ولا تحد من إنتشار المرض. حوار بين تيار المستقبل وحزب الله، حوار بين الكتل النيابية، حوار من أجل قانون للانتخابات، حوار بين التيار العوني والقوات اللبنانية وإلى ما هنالك من لقاءات حوارية ينقصها فرق موسيقية ليتم الرقص على أنغام لحن الموت لبلد هو أشبه بوطن، لشعب مشرذم مبعثر، ولقيادات سلمت قرارها لمموليها.

من حين لآخر تتناقل الوسائل الإعلامية خبر إنعقاد هذه الجلسة أو تلك من دون صخب إعلامي، حتى أنه لم يعد التركيز على ختام الإجتماعات لصدور البيانات كونها روتينية منقحة ومجملة لتتناسب مع فكرة التفاؤل وتهدئة الأجواء، بينما الواقع عكس ذلك كليا، فالأمور تذهب من عقدة إلى أخرى، ومع تكاثر اللاعبين الإقليميين والدوليين لم يعد هنالك من متسع لسماع الأصوات المحلية لأنها لا تقدم ولا تؤخر، فهي فقط ترقص على أنغام الملحنين الخارجيين الذين يحددون النوتة وفق مصالحهم.

لم يعد المواطن يأبه للفراغات المتتالية على كافة مؤسسات الدولة، فقد تعود أن يعيش في فوضى منظمة أحيانا، وغير منظمة أحيانا أخرى. فلكل باب مفتاحه، ويعالج المواطن مشاكله وفق هذه الصيغة والتي هي بعيدة كليا عن مفهوم الدولة.

جلسة الحوار

وأكثر ما يثير الإستغراب والإستهجان حين يطرح البعض وتحديدا الأطراف المسيحية، المتمثلة بالأقطاب الأربعة، موضوع الحقوق والمشاركة وهم يشاهدون بأم العين أن البلاد تسير رويدا رويدا نحو الهاوية، وهم يعتقدون أن في تصلب مواقفهم سيعيدون الأمور إلى نصابها، كل على طريقته، بينما الفراغ ينتشر كالمرض الخبيث في الإدارات الرسمية. وتكتمل الصورة في الجهة المقابلة على أزمة تتفاقم يوما بعد يوم بين المكون الشيعي المتمثل بحزب الله والمرتهن بإيران والمكون السني المتمثل بتيار المستقبل والمرتهن بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج.

أي حوار سيجمع الأضداد فالأقطاب الموارنة الأربعة لن يتنازلوا لبعضهم البعض وإن فعل أحدهم فليحرج الطرف الآخر، وبالتالي لن يجمعوا على واحد منهم  ولن يتوافقوا على رؤية موحدة لقانون إنتخابي، فهم يعيشون في جو وكأن البلاد في وضع ديمقراطي سليم ولا يقدمون على خطوة جريئة من أجل تقديم تنازل لأجل تسوية.

وفي المقابل ارتبط صراع حزب الله مع تيار المستقبل بكل ما يجري في المنطقة، من العراق إلى سوريا مرورا بالبحرين وحتى بباكستان، وإذا كان الصراع في لبنان يقتصر على التصعيد السياسي فلأنه مر بتجربة حرب مريرة على كل المستويات، وبالتالي الجميع يتحسب من أجل عدم شرب الكأس المرة من جديد. لكن هذا الأمر لا يردعهم لتجنب الخلاف، هذا الخلاف المتجذر دينيا بين حزب الله وتيار المستقبل والذي يدمر البلاد سياسيا وإقتصاديا، ويحاولون إلهاء الشعب بجلسات حوارية يسبقها ويليها تصاريح نارية تشعل النفوس وتبث الأحقاد. فعلى أي رئيس سيتفقون، وعلى أي قانون إنتخابي سيتوافقون؟

إنها طبخة البحص على الطريقة اللبنانية في جلسات الحوار، بإنتظار أن يعلو صوت ما ويوما ما ليقول كفى، فليحصد كل فريق نتاج عمله لوحده، لا أن يتحمل الشعب اللبناني بأسره وزر إرتباطات البعض بالخارج وحساباتهم الخاصة، فليدفعوا وحدهم فواتير هذه المصالح ولا أن يحملونها لشعب قدر له أن تحكمه قيادات لا تأبه لمصيره.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار